وصلتني انتقادات ذكورية عن مقالي في عكاظ (بنت الرجال تصبر ولكن لها أن تخلع).. ذكرتُ فيه بضرورة أن تعامل قضايا الخلع حسب الحالة الواردة للقاضي وليس في كل مرة يطبق عليها حُكم (ردي عليه حديقته) فذلك أقرب للعدل والإنصاف فيكون حكم الخلع بناء على ظروف وملابسات القضية. فلا تعامل كل الحالات بالقياس على من طلبت من رسول الله عليه الصلاة والسلام بعدم رغبتها الاستمرار مع زوجها بعد أن كرهت عشرته لعدم وسامته وجماله فقال لها نبي الأمة (ردي عليه حديقته) كنوع من العقاب النبوي لهذه المرأة التي بطرت معيشتها لأجل الوسامة والجمال مع صحابي جليل كان من الأخيار.
حديث (ردي عليه حديقته) ورد بست صيغ مختلفة ومتناقضة، فهو حديث مضطرب يأخذ حكم الحديث الضعيف حسب قول علماء الحديث، علاوة على أن الزوجة الشاكية اعترفت بأنه زوج قائم بحقوق ربه وواجبات بيته ولم تطلب الانفصال إلا لأنه (دميم الخلقة قصير القامة لا يشبه أقرأنه)،
فهي حالة خاصة رأى فيها نبي الإسلام أن الزوجة طلبت فراق زوجها لأسباب تتعلق بالجمال والوسامة وأنها لم تشتك ظلما منه فحقق رغبتها وعاقبها برد المهر إليه وهذا من خلقه العظيم وآداب النبوة.
فنحن أمام حالة خاصة لا يجوز أن يبنى عليها حُكم، فلا نقف عند الظاهر وإنما يجب الغوص في الباطن وعدم التشدد على المعنى الحرفي للحديث وأن يكون لمقاصد الشريعة دور في حياتنا.
في المقابل لو كان الزوج لا يقيم حدود الله ولا يعرف حقوق زوجته سامها العذاب البدني واللفظي حتى كرهت عشرته فذهبت تخلع نفسها وأثبتت أمام القاضي وبشهادة الشهود بُخله وفُجره وفُسقه
فكيف ترد عليه مهره بعد عذابها وصبرها عليه وسنين عمرها التي أمضتها بين حمل وولادة ورِضاع وخدمات الليل وشقاء النهار، فالفروج لا تستباح إلا بالأموال تجعل مهراً في عقود النكاح لقوله تعالى: (أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين)، وقوله تعالى (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا)، فهل ترضى الشريعة العادلة بمكافأة مثل هذا الزوج وتخرج الزوجة صفر اليدين، القاعدة الفقيهة تنص على (ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس)، فالخيار مفتوح في دين ًالله الخاتم لاختيار ما يناسب الحاجة ويطابق المصلحة، فالشريعة كلها عدل ورحمة ومراعاة لمصالح الخلق.
ورد في صحيح البخاري أن سيدنا عمر أفتى بأن المبتوتة وهي المطلقة البائن لها النفقة والسكن عندما بلغه حديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها نفقة ولا سُكنى بعد التطليقة الثالثة، قال سيدنا عمر لا نترك كتاب الله لقول امرأة لعلها حفظت أو نسيت ويعني بذلك قوله تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة)،
فرغم حديث رسول الله إلا أن سيدنا عمر أكد أن كلام الله هو الفيصل في الأحكام وليس قول بشر أخطأ أو نسي.
وبهذا يكون تعاملنا مع الأحاديث النبوية نعمل بها إذا وافقت نص القرآن ولم تخالف صريح العقل.
فالمهر الذي ترده لزوج خان الميثاق في حالة الخلع هو حق معلوم لها بآيات بينات قطعية الثبوت والدلالة ويسمى بالصداق لإشعاره بصدق رغبة الرجل في النكاح، وهو واجب شرعي، لقوله تعالى (وأتوا النساء صدقاتهن نحلة)، والنحله تأتي هنا بمعنى الهبة وجعل الصداق للمرأة عطية بغير عوض، وهو من حق الزوجة لإظهار شرف حمل هذا العقد فهو لم يشرع بدلاً كالثمن للمبيع أو كالأجرة للمأجور.
وقد أمر الله الأزواج أن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم، النحلة تطلق على ما ينحله الإنسان ويعطيه هبة عن طيب نفس بدون مقابل عوض وهو واجب لا تخيير فيه. فإذا أخذه الزوج فإنما يأخذه ظلماً وبهتاناً والإسلام بريء منه.
يقول أبو حنيفة إذا كان النشوز من طرف الزوجة حل له أن يأخذ منها ما أعطاها ولا يزيد وإن كان النشوز من طرف الزوج لم يحل له أن يأخذ منها شيئاً، يقول الله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ»،
فلا يصح الإضرار بالزوجة لتتنازل عن صداقها مقابل حريتها وترده على زوج ظالم بخيل كذوب أضر بها وجعل من مهرها تجارة ومطية للزواج كل ما عن له الأمر ورغب في التجديد أعادت «الرؤية» ترتيب أحوال المجتمع ضمن منظومة التشريعات المتخصصة التي أعلن عنها ولي العهد الأمين وضمن لها أسباب النجاح، فكان نظام الأحوال الشخصية الجديد، لمواكبة والتحديث، بيد عرّابه ولي العهد الأمين، الذي أكد بأن (مشروع نظام الأحوال الشخصية استمد من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وروعي في إعداده أحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع ومتغيراته. فليكن موضوع الخلع إنصافاً للمرأة وليس ظلماً لها
فهي الأساس ونبع الحنان لمجتمع معافى موفور القيم).
حديث (ردي عليه حديقته) ورد بست صيغ مختلفة ومتناقضة، فهو حديث مضطرب يأخذ حكم الحديث الضعيف حسب قول علماء الحديث، علاوة على أن الزوجة الشاكية اعترفت بأنه زوج قائم بحقوق ربه وواجبات بيته ولم تطلب الانفصال إلا لأنه (دميم الخلقة قصير القامة لا يشبه أقرأنه)،
فهي حالة خاصة رأى فيها نبي الإسلام أن الزوجة طلبت فراق زوجها لأسباب تتعلق بالجمال والوسامة وأنها لم تشتك ظلما منه فحقق رغبتها وعاقبها برد المهر إليه وهذا من خلقه العظيم وآداب النبوة.
فنحن أمام حالة خاصة لا يجوز أن يبنى عليها حُكم، فلا نقف عند الظاهر وإنما يجب الغوص في الباطن وعدم التشدد على المعنى الحرفي للحديث وأن يكون لمقاصد الشريعة دور في حياتنا.
في المقابل لو كان الزوج لا يقيم حدود الله ولا يعرف حقوق زوجته سامها العذاب البدني واللفظي حتى كرهت عشرته فذهبت تخلع نفسها وأثبتت أمام القاضي وبشهادة الشهود بُخله وفُجره وفُسقه
فكيف ترد عليه مهره بعد عذابها وصبرها عليه وسنين عمرها التي أمضتها بين حمل وولادة ورِضاع وخدمات الليل وشقاء النهار، فالفروج لا تستباح إلا بالأموال تجعل مهراً في عقود النكاح لقوله تعالى: (أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين)، وقوله تعالى (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا)، فهل ترضى الشريعة العادلة بمكافأة مثل هذا الزوج وتخرج الزوجة صفر اليدين، القاعدة الفقيهة تنص على (ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس)، فالخيار مفتوح في دين ًالله الخاتم لاختيار ما يناسب الحاجة ويطابق المصلحة، فالشريعة كلها عدل ورحمة ومراعاة لمصالح الخلق.
ورد في صحيح البخاري أن سيدنا عمر أفتى بأن المبتوتة وهي المطلقة البائن لها النفقة والسكن عندما بلغه حديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها نفقة ولا سُكنى بعد التطليقة الثالثة، قال سيدنا عمر لا نترك كتاب الله لقول امرأة لعلها حفظت أو نسيت ويعني بذلك قوله تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة)،
فرغم حديث رسول الله إلا أن سيدنا عمر أكد أن كلام الله هو الفيصل في الأحكام وليس قول بشر أخطأ أو نسي.
وبهذا يكون تعاملنا مع الأحاديث النبوية نعمل بها إذا وافقت نص القرآن ولم تخالف صريح العقل.
فالمهر الذي ترده لزوج خان الميثاق في حالة الخلع هو حق معلوم لها بآيات بينات قطعية الثبوت والدلالة ويسمى بالصداق لإشعاره بصدق رغبة الرجل في النكاح، وهو واجب شرعي، لقوله تعالى (وأتوا النساء صدقاتهن نحلة)، والنحله تأتي هنا بمعنى الهبة وجعل الصداق للمرأة عطية بغير عوض، وهو من حق الزوجة لإظهار شرف حمل هذا العقد فهو لم يشرع بدلاً كالثمن للمبيع أو كالأجرة للمأجور.
وقد أمر الله الأزواج أن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم، النحلة تطلق على ما ينحله الإنسان ويعطيه هبة عن طيب نفس بدون مقابل عوض وهو واجب لا تخيير فيه. فإذا أخذه الزوج فإنما يأخذه ظلماً وبهتاناً والإسلام بريء منه.
يقول أبو حنيفة إذا كان النشوز من طرف الزوجة حل له أن يأخذ منها ما أعطاها ولا يزيد وإن كان النشوز من طرف الزوج لم يحل له أن يأخذ منها شيئاً، يقول الله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ»،
فلا يصح الإضرار بالزوجة لتتنازل عن صداقها مقابل حريتها وترده على زوج ظالم بخيل كذوب أضر بها وجعل من مهرها تجارة ومطية للزواج كل ما عن له الأمر ورغب في التجديد أعادت «الرؤية» ترتيب أحوال المجتمع ضمن منظومة التشريعات المتخصصة التي أعلن عنها ولي العهد الأمين وضمن لها أسباب النجاح، فكان نظام الأحوال الشخصية الجديد، لمواكبة والتحديث، بيد عرّابه ولي العهد الأمين، الذي أكد بأن (مشروع نظام الأحوال الشخصية استمد من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وروعي في إعداده أحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع ومتغيراته. فليكن موضوع الخلع إنصافاً للمرأة وليس ظلماً لها
فهي الأساس ونبع الحنان لمجتمع معافى موفور القيم).